[ تغيّرت عليّ ]

حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ .. مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ

أنَّى وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها .. فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ
فهي الحياة للقلوب .. والنور للظلمات .. والماء للضمئان
لا أتمالك عيني حينما أتذكرها .. كما أني لا أتمالك دمعي حين أرى الشمس
فلا أدري أنورها ساطعٌ .. أم جمالها كالشمس يُهِلُّ بالدمع
رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً .. ولم أر بدراً قط يمشي على الأرض
فلا أدري كيف أًصِفُها .. إذا كان القلمُ عن الوصف يعجزُ !!
رأيت الأعين لا تكاد ترتفع عنها .. فالكلٌ يتطلع إليها ويتأمل
والجميع إلى قربها أسرع .. والشوق إليها دائم متعجل
كيف لا .. وهي التي في سمتها أدب .. وفي علمها بحر
وفي ذاتها شخصية مستقلة
جلست من بينهم فارتقى القوم بها .. ولولاها لم يترق القوم
ومن أجلها مات الرجال .. ومن أجلها العدو متعجل
أغرك مني أن حبك قاتلي .. وأنك مهما تأمري القلب يفعل
ألم تري إلى عيناكِ نازلتا القلوب فكلها .. إما جريح أو مصاب المقـتـلِ
حتى تداعى عليها الأمم .. كما تتداعى الأكلة على قصعتها
لا من قلة بل هم كثرة .. ولكن دخل الوهن القلوب
ومن أجل هذا تغيرت عليّ .. بل لم تكن هي الأولُ
بدأ الظلام يسير إليها .. وشعاع الشمس بدأ يخفتُ
وبعد أن كانت ذات رزانة أصبح التقليد هو المذهبُ !!
أشعرت بها ؟ .. هي ( أُمة الإسلام ) بدأت تتزلزل
فقد ضاعت بين الأيادي الأعداء بل تكاد تتمزقُ
أمة كان في عزة .. واليوم هي ذليلة
لا في ذاتها .. بل الذلة في من حمل الإسم دون الروح
فهم أناس تفسخوا منها .. وما زال الإسم يعلق
[مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ
ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ]
وكيف تنهض أمة شبابها اليوم أتباع لعدوهم
لا يعرفون إلا تقليدهم .. وبِظنّهم أنهم تقدموا !!
تتبعوا سننهم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً .. حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوهـ
ألم يعلموا أن الصراط المستقيم هو مخالفة أصحاب الجحيم ؟!
ألم يعلموا أن (من تشبّه بقوم فهو منهم ) ؟!
أم هم [كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَأَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ
فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا
أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ]
العجيب أن هؤلاء المتبعين المتشبهين يعلمون أن الله سبحانه
جعل الدنيا دار ابتلاء واختبار .. ولم يجعلها دار سكنى وقرار
وبالرغم من هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار
فإنهم يغفلون أو يتغافلون عنها !! فيركنون إلى الدنيا وحطامها
ويخلدون إلى متعها وشهواتها .. وتميلُ بهم ويميلون بها
وإن حبها ليغلب على أحدهم حتى يملك فؤاده وجوارحه
فلا تراه إلا لاهثا ورائها .. منكباً على طلبها .. مهتماً في تحصيلها
لا يسأل إلا عنها .. ولا يميل إلا إليها .. ولا يعرج إلا عليها !!
فهي همهُ الوحيد وشغلُهُ الشاغل .. فتراه في هذه الدنيا يبحث وينقب
عن كل وسيلة لجمع المال وتحصيله من حله وحرامه .. يبيع دينه بثمن بَخْس
غرته الدنيا بحطامها الزائل .. ومتاعها الآيل
ألم يعلم أن ملكها يَبَاب .. وعمارها خراب .. وحلالها حساب .. وحرامها عقاب ؟!
.
ومع كل ما أصابها .. لا يزال فيها شيء من جمالها
فـ (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْمَنْ خَذَلَهُمْ
وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ )
فإن لله عباداً فُطنا .. طلقوا الدُّنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحيٍّ وطنا
جعلوها لُجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سُفنا
(لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنْالْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ )
ولابد من يوم أن يعود فيه .. جمالُها فيتمتع بالنظر إليها
وسيهواك ما عشت القلب فإن أمت .. يتبع صداي صداك في الأقبر