غــابة طــفل
صفحة 1 من اصل 1
غــابة طــفل
تراقصت المشاعر على أنغام القدر وأخذت تقتات رويدا رويدا ما تبقى في القلب من البراءة والحنان إلى أن نفذ زادها وانطلقت كحيوان جائع تركته أمه لكي يتعلم كيف يصاد الفريسة، وشيئا فشيئا أصبح حقا لا يضاهي الحيوان في براعته،وحفيف الأشجار يصله همسا يدق أجراس عالمه البريء فيهتف مذعورا أماه....ولكن التعب قد اسكن جوارحه فنام بلا شعور على فراش من حصى وتغطى بهواء من ثلج وغط في نوم عميق..فإذا به يسمع صوتا غريبا مما أيقظه ارتعشت يداه وانطبقت شفتاه وأخذت قدماه تتخبط في كل اتجاه،فاختبأ وراء صخرة تحميه مما قد يظهر له جراء هذا الصوت،انتظر وانتظر خروجه والخوف سكين يمزق ستائر عالمه الآمن،أطال الانتظار فهدأ روعه وبعد دقائق ظهر الصوت فجأة وبصوت أعلى،أدرك بعدها أنها كانت عصافير بطنه جائعة، فخرج من كهفه باحثا عن الطعام يمشي بحذافير أصابعه يتعرف بعالمه الجديد،مندهشا مما يرى ويشعر فإذا به يصل بمكان به أشجار معمرة فتشبثت قدماه على الأرض وعلامات الدهشة تكسو ملامح وجهه،فاغرا فاه ينظر لجذوعها السميكة والشامخة،فإذا قدماه تسابق الريح يسابق شهيقه وزفيره يهرول ويتعثر حتى غابت عن ناظريه ومن ثم اختبأ ينتظر مرور تلك الوحش الضخمة يتساءل علامها لا تلاحقني؟!!!،والشمس في كبد السماء ترسل سهامها البيضاء تقسوا على هذا الطفل الذي فقد ظلا كبيرا كان يحميه،قد لبسه لإرهاق فأصبحت قدماه هي من تقوده إلى حيث لا يدري أماه أماه لا جرم أنك تبحثين عني ولكن كيف لك أن تجديني في هذا المكان الكبير الدامس الظلام.... ومن بين الفينة والفينة تساقطت قطرات المطر على تلك الزهرة الذابلة تسقيه وتسقي مشاعره العطشى فارتسمت ابتسامة بريئة كان قد فقدها وشعر بسعادة كان قد نسيها فأخذ يرقص ويغني ويضحك وكأنه أفاق من كابوس لبرهة توقف المطر ومن بعده أمطرت عيناه مطرا غزيرا وصاح الألم من أعماقه أمـــــــاه أعادتها له الجبال فكيف لها أن تتحمل ألم طفل هجير............ ذاق الفراق وهو مازال في مقدمة القطار فماتت المناظر الجميلة خلف نافذته جلس في مقعد مسن عانت روحه من وحدة جافة تفتقد لوجود عذب يرويها،ألوان الطفولة أصبحت من ماض ارتدى رداء خفي وهرب لبعيد مجهول، فكم كان قاسيا أن يفقد صورة أمه، هناك على الشاطئ لعل الأمواج تشفق على حاله وتتخلى عن كبريائها وتخضع لسيد أسير،وتوصل القنينة التي تحمل رسالة أمه إلى جزيرته المظلمة، ولكن الانتظار لم يعد انتظار بل أصبح وكأنه قطار بلا سكة حديدية،هل تكسر جناح الطائر الذي أراد أن يلاحق أمه أم أنا كالسلحفاة والأيام هي الأرنب أنا أجري وهي تجري بل أبدوا وكأني أدعي الجري،لماذا خطفك البعيد مني هكذا،لماذا كل القصص التي قصصتها لي أصبحت أنا بطلها ولكني مغلف بغلاف يحجب عني الهدف،لهذا لا استطيع أن أصل لنهايتها فأشعر بالملل ويغلبني النعاس الكسول،أيا عالم أهذه حقيقتك أم حقيقتي كنت تبتسم لي أم أنا كنت ابتسم لك مالي أرى ثغرك عابسا الآن والصمت هنا يكسر أصوات الحياة من فينا تغير؟!! انكسر جناحك أمي فسقطت من على ظهرك الدافئ رحلتي دون أخذي تعلقت بك ولكن كنت تبتعدي عني وأنا أتمسك بوهم أمي خذيني معك وإن كان للجحيم تخليتي عني وأنا احتاج لصدر حنون يأوين كنت عالمي احترت أي عالم من بعد اختار،هكذا القدر كان يجرك وأنا أجرك ولكنه كان أقوي مني بكثير،ومن بعدك جرتني الأحزان لأعماقها وعشت في غابة مرعبة وتقوقعت في عالم صغير لا يسعني رغم صغره لكني لم أجدك،هناك أنت في البعيد الذي لا أراه ولا أعرف مكانه بعيد أمي أين أنت مني
•قٌٍـلب زآيـد¤- الاعضاء
- عدد المساهمات : 53
تاريخ التسجيل : 17/08/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى